هانيبال صاحب حلم سيادة أفريقيا على أوروبا الذي لم يكتمل

عندما كانت الإمبراطورية الرومانية في أوج قوتها و عظمتها و كان البحر الأبيض المتوسط بالكامل تحت سيطرتها حتى أنه أطلق عليه بحيرة رومانية، ظهر قائد قرطاجي إستطاع أن يهز أرجاء الإمبراطورية الرومانية من أدناها إلى أقصاها بمجرد ذكر اسمه ، حتى وصفه المؤرخون بأنه أسوأ كوابيس روما و كاسر هيبتها ،و صوره الرومان على أنه وحش يهوى القتل و سفك الدماء ، حتى أنهم عندما يخشون وقوع كارثة في جميع المجالات يقولون “هانيبال” على أبوابنا .
من هو حنبعل أو “هانيبال”
ولد حنبعل أو “هانيبال” كما أطلق عليه الروم سنة 247 ق.م في قرطاج بشمال قارة أفريقيا، تحديداً في “قرطحدش” و هي ضاحية تونسية اليوم، كان ينتمي إلى عائلة بونيقية عريقة فوالده هو “حملقاربلع” هو قائد القرطاجيين الفينيقين في الحرب البونيقية الأولى، كما رافق وهو في التاسعة من عمره والده في الحرب ضد المرتزقة و في الغزو القرطاجي “لأيبيريا”.
و قد ورث كره الإمبراطورية الرومانية من والده الذي هزم من روما في الحرب البونيقية الأولى، حتى أن والده طلب منه أن يقسم بأن لا يكون صديقا لروما ابدا قبل أن يسمح له بالمشاركة في الحملات العسكرية و هو القسم الذي أبر به حنبعل طوال حياته، أثناء غزو إسبانيا لقي والده حدفه في المعركة و ورثه زوج شقيقة حنبعل صدربعل العادل في قيادته للجيش و عمل معه حنبعل تحت إمرته كضابط للجيوش،و هو في عمر 26 ربيعا إختاره الجنود قائدا جديدا ثم بعد إغتيال صدربعل العادل.
الإستعداد للحرب مع الروما
أمضى حنبعل عامين في تعزيز مواقعه و استكمال غزو إسبانيا في المنطقة في الجنوب من نهر أبرا وبذلك فقد خشيت روما تنامي قوة حنبعل في إيببيريا فتحالفت مع مدينة ساغنتو التي تقع على مسافة كبيرة إلى الجنوب  وهو ما اعتبره حنبعل، بدوره خرقا للمعاهدة التي وقعها صدربعل العادل مع الرومان، وقرر محاصرة المدينة التي سقطت بعد حوالي 8 أشهر مما إعتبرته روما إنتهاكا واضحا للمعاهدة و طالبت بالقصاص من قرطاج و نظرا لشعبية حنبعل الجارفة لم تستنكر الحكومة القرطاجية قرارات حنبعل فاعلنت روما الحرب على قرطاج.
إنتصارات حنبعل في البداية
عندئذ قرر حنبعل نقل الحرب إلى قلب إيطاليا في تخطيط عسكري محكم و شجاعة نادرة و قام بحملة سريعة عبر جنوب بلاد الغال بهدف غزو روما و بالتالي بدأت الحرب الحنعبلية، أو المغامرة الخطيرة التي أودت بحياة عدد كبير من جنوده ، ولكنه نجح بالفعل في مهمته و دخل قلب إيطاليا و أمضى قرابة 15 سنة فتح خلالها عدة مناطق و كان على أبواب إسقاط العاصمة روما بعد معارك عديدة و دامية، حيث تميز بدهائه من خلال نصب الفخاخ و الهجمات المعاكسة فيما تميز فرسانه بالمرونة و الشجاعة، هذا و قد انضم حوالي 14 ألف محارب غالي من الأشداء إلى صف قرطاج حيث كان حنبعل بإستقبالهم شخصيا وهو يردد قولته المشهورة “إذا أحرزت نصرا إنضم إليك الجميع حتى خصومك أما إذا ألحقت بك الهزيمة تخلى عنك حتى محبوبك”
لكن سقط إثر بداية دخوله روما مع جيوشه في إحدى المستنقعات و لقى عديد فرسانه حدفهم نتيجة الحمى و فقد بدوره إحدى عينيه وهو ما أعطى للعدو بصيص أمل بعد أن ظنوا أن حنبعل يستسلم و ينسحب، لكنه في الحقيقية كان يعد فخا جديدا و يستدرجهم نحو المعركة الكبرى التي لم تتكافئ خلالها موازين القوى، غير أن حنبعل انتصر فيها بالضربة القاضية.
نهاية أسطورة حنبعل
بتتالي السنوات  بدأ حنبعل يهتز شيئا فشيئا نظرا لعدم إهتمامه لتحذيرات حاشيته و أتباعه، فقد واجه بجيشه المنهك الرومان تحت إمرة سكيبيو في معركة زاما التي هزم فيها حنبعل شر هزيمة و فرض عليه النفي ،و انتهت بذالك أسطورة قاهر روما الذي يبقى على مر العصور من أفضل القادة الذين تركوا بصمة واضحة على مستوى الخطط و الحيل العسكرية، و الذي من أبرز عباراته الخالدة  التي يرددها دائما “سوف نجد حلا أو سنصنع واحدا”.

“>مصدر