ما معنى جملة : روت حكاية طريفة – المعاني

[ad_1]

كهذه#حديث_قِطّين قال الهزيل: وإن لك لحمة وشحمة، ولبناً وسمكاً، وجبناً وفتاتاً، وإنك لتقضي يومك تَلْطَع جلدك ماسحاً وغاسلاً، أو تتطرح على الوسائد والطنافس نائماً ومتمدداً, أما والله لقد جاءتك النعمة والبلادة معاً، وصلحت لك الحياة وفسدت منك الغريزة، وأحكمت طبعاً ونقضت طباعاً، وربحت شبعاً وخسرت لذة، عطفوا عليك وأفقدوك أن تعطف على نفسك، وحملوك وأعجزوك أن تستقل، وقد صرت معهم كالدجاجة تُسَمَّن لتُذبح، غير أنهم يذبحونك دلالاً وملالاً. إنك لتأكل من خِوَان أصحابك، وتنظر إليهم يأكلون، وتطمع في مؤاكلتهم، فتشبع بالعين والبطن والرغبة ثم لا شيء غير هذا، وكأنك مرتبط بحبال من اللحم تأكل منها وتحتبس فيها. إن كان أول ما في الحياة أن تأكل فأهون ما في الحياة أن تأكل، وما يقتلك شيء كاستواء الحال، ولا يحييك شيء كتفاوتها؛ والبطن لا يتجاوز البطن ولذته لذته وحدها، ولكن أين أنت عن إرثك من أسلافك، وعن العلل الباطنة التي تحركنا إلى لذات أعضائنا، ومتاع أرواحنا، وتهبنا من كل ذلك وجودنا الأكبر، وتجعلنا نعيش من قِبَل الجسم كله، لا من قبل المعدة وحدها؟ قال السمين: تالله, لقد أكسبك الفقر حكمة وحياة، وأراني بإزائك معدوماً بزوال أسلافي مني، وأراك بإزائي موجوداً بوجود أسلافك منك. ناشدتك الله إلا ما وصفت لي هذه اللذات التي تعلو بالحياة عن مرتبة الوجود الأصغر من الشبع, وتستطيل بها إلى مرتبة الوجود الأكبر من الرضى؟ فقال الهزيل: إنك ضخم ولكنك أبله، أما علمت -ويحك- أن المحنة في العيش هي فكرة وقوة، وأن الفكرة والقوة هما لذة ومنفعة، وأن لهفة الحرمان هي التي تضع في الكسب لذة الكسب، وسعار الجوع هو الذي يجعل في الطعام من المادة طعاماً آخر من الروح، وأن ما عُدل به عنك من الدنيا لا تعوِّضك منه الشحمة واللحمة، فإن رغباتنا لا بد لها أن تجوع وتغتذي كما لا بد من مثل ذلك لبطوننا؛ ليوجد كل منهما حياته في الحياة, والأمور المطمئنة كهذه التي أنت فيها هي للحياة أمراض مطمئنة، فإن لم تنقص من لذتها فهي لن تزيد في لذتها، ولكن مكابدة الحياة زيادة في الحياة نفسها. وسر السعادة أن تكون فيك القوى الداخلية التي تجعل الأحسن أحسن مما يكون، وتمنع الأسوأ أن يكون أسوأ مما هو، وكيف لك بهذه القوة وأنت وادع قار محصور من الدنيا بين الأيدي والأرجل؟ إنك كالأسد في القفص، صغُرت أَجَمَتُهُ ولم تزل تصغر حتى رجعت قفصاً يحده ويحبسه، فصغر هو ولم يزل يصغر حتى أصبح حركة في جلد؛ أما أنا فأسد على مخالبي ووراء أنيابي، وغَيْضَتي أبداً تتسع ولا تزال تتسع أبداً….. قال السمين: وفي الدنيا هذه اللذات كلها وأنا لا أدري, هلم أتوحش معك، ليكون لي مثل نُكْرك ودهائك واحتيالك، فيكون لي مثل راحتك المكدودة، ولذتك المتعبة، وعمرك المحكوم عليه منك وحدك وسأتصدى معك للرزق أطارده وأواثبه، وأغاديه وأراوحه. فقطع عليه الهزيل وقال: يا صاحبي، إن عليك من لحمك ونعمتك علامة أسرك، فلا يلقانا أول طفل إلا أهوى لك فأخذك أسيراً، وأهوى عليَّ بالضرب لأنطلق حرّاً، فأنت على نفسك بلاء، وأنت بنفسك بلاء عليّ. وكانت الفأرة التي انجحرتْ قد رأت ما وقع بينهما، فسرها اشتغال الشر بالشر. وطالت مراقبتها لها حتى ظنت الفرصة ممكنة، فوثبت وثبة من ينجو بحياته ودخلت في باب مفتوح، ولمحها الهزيل، كما تلمح العين برقاً أومض وانطفأ. فقال للسمين: اذهب راشداً، فحسبك الآن من المعرفة بنفسك وموضعها من الحياة، أن الوقوف معك ساعة هو ضياع رزق، وكذلك أمثالك في الدنيا، هم بألفاظهم في الأعلى وبمعانيهم في الأسفل. #حديث_قطين[44_50] #وحي_القلم1 #الرافعي

[ad_2]

المرجع : قاموس المعاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى