إعلانات فى الصحف لمناشدة رجال الأعمال بالتبرع

[ad_1]

العدد الورقي – عثمان جمال الدين – أسماء حسنين – محمد أكرم دياب

الحكومة فى 1920: إعانة قرشين للأقل دخلًا وتخفيض سعر القطن

استقطاع ربع راتب الموظف الذى يزيد دخله على 15 جنيهًا والثلث ممن بزيد على 50

ظهور الأوبئة والكوارث الإنسانية ليس جديدا على كوكب الأرض بشكل عام ومصر تحديدا، إذ اعتاد بنو البشر عليها فى حقب زمنية مختلفة، ودائما ما صاحبها أزمات وتحديات، واجهتها الحكومة المصرية بشجاعة، ساندت من خلالها الفقراء، متحملة العديد من الخسائر الاقتصادية التى لا تقل فداحة عن الخسائر فى الأرواح، لكن كل ذلك فى ظل دعم شعبى، يثق فيها وينفذ تعليماتها بكل دقة.

وأزمة فيروس كورونا المستحد «كوفيد 19» تنضم لقائمة طويلة من الأوبئة التى انتهت بمجرد تهديدها للمصريين، مثل «الإنفلونزا الإسبانية»، التى اجتاحت العالم وأصابت ما يزيد على ٥٠٠ مليون شخص، وتوفى ما لا يقل عن 10٪ من المرضى فى عامين، عقب الأزمة التى بدأت إبان الحرب العالمية الثانية، وتحديدا فى الفترة من ١٩١٨ حتى ١٩٢٠، إلا أن حالة المجتمع المصرى الاقتصادية والسياسية استمرت مستقرة، رغم مخاوف العالم من الوباء.

ومن الإصدارات القديمة للصحف وبعض المراجع التى اطلعنا عليها، نستطيع تبين ملامح مصر فى تلك الأزمة، إذ شهدت سنوات الحرب والوباء انخفاضا كبيرا فى أسعار القطن، بدأت من ١٩١٤ حتى ١٩٢١، وبعدها شهدت ارتفاعا طفيفا، علاوة على تشدد البنوك فى تحصيل الديون العقارية، كما انتشرت ظاهرة طرح أراضى الفلاحين فى المزاد العلنى، وبيعها بأبخس الأثمان، بالإضافة إلى اتساع نشاط المرابين، الذين ضاعفوا ديون الفلاحين وساهموا فى نزع ملكية الأراضى.

وبرزت عناوين الصحف فى تلك الفترة، مطالبة الأغنياء بمساعدة فقراء مصر، وسط دعوات للدولة كى تشرف على هذه الجهود. ولا يتوقف الأمر عند المجاعات وعسف وقمع الفلاحين، بل وصل أيضا إلى أبنائهم والتمييز ضدهم.

وفى دراسة أعدها المؤرخ المصرى رؤوف عباس حامد، رئيس الجمعية المصرية التاريخية الأسبق، عن الحركات الوطنية فى مصر فى الفترة من 1918 وحتى 1952، روى عن مدى تدهور معيشة المصريين قائلا: إن نسبة الفقر فى الريف سنة 1937 بلغت حوالى 76%، وبلغت مع نهاية حكم فاروق حوالى 90%، كما استعان بدراسة لـ«مصلحة الإحصاء» عام 1942، تقول إن ما يلزم للأسرة المكونة من زوج وزوجة وأربعة أولاد لا يقل عن 439 قرشاً فى الشهر، طعاماً وكساءً، وفق الأسعار الرسمية، ومع هذا فقد كان متوسط الأجر الشهرى للعامل لا يتجاوز 262 قرشاً فى الشهر، أى أن الأغلبية العظمى كانت تعيش دون حد الكفاف.

وأشارت صحيفة «الأهرام»، فى أحد أعدادها الصادرة عام ١٩٢٠: «أما البلاد فمع حالتها الحاضرة يوجد بها أغنياء كثيرون، يملكون أطياناً وعقارات جمة ويستطيع كل منهم أن يتبرع بجانب عظيم من أمواله الوافرة، لتنفق على الفقراء، وهذا لا يتم إلا بعد أن تأمر الحكومة بتأليف لجنة لكل مركز، قوامها العمدة والأعيان والتجار والعلماء، وتعين هذه اللجنة لجاناً فرعية تؤلف لهذا الغرض، وتفرض على كل مقتدر نقوداً يدفعها أو غلالاً لإعانة غيرهم من المحتاجين».

وتمثلت إجراءات الحكومة آنذاك فى استقطاع ربع راتب الموظف الذى يزيد راتبه على 15 جنيهاً، وثلث راتب الذى يزيد راتبه على 50 جنيهاً، ثم قرر قومسيون بلدية الإسكندرية توفير المستخدمين الذين لا يزيد راتب الواحد منهم على 14 جنيهاً فى الشهر، بحجة التدابير الاقتصادية.

وجاء فى أحد إصدارات دار الهلال، أن محافظة القاهرة خصصت إعانات يومية للأقل دخلا، قيمتها قرشان، وفى عامى 1920 و1921 وقعت كارثة القطن، التى هبطت بأسعاره من 99 ريالاً إلى 19 ريالاً فى المتوسط، ونتج عن ذلك أزمة طاحنة، ارتفع خلالها معدل ارتكاب الجرائم إلى 7502 جناية عام 1920، ثم بلغ 8681 جناية عام 1921.

وفى الوقت نفسه، شهدت هذه الفترة ارتفاعا للأسعار بشكل ملحوظ، بما فيها أسعار السلع الأساسية، حيث سجلت الأرقام القياسية للأسعار ارتفاعا بلغ 216% عام 1918، مقارنة بسنة 1914، وارتفع سعر القمح بمعدل 131% والسكر 149% والفول 114% والبترول 103%، كما بلغ سعر الفحم فى نهاية الحرب العالمية الأولى تسعة أمثال ما كان عليه قبل اندلاعها.

وشهدت تلك الفترة قدرا من النمو فى حجم الطبقة العاملة، بسبب تدفق الاستثمارات الأجنبية والتوسع فى شبكات النقل، كما شهدت أحداثا سياسية مهمة، مثل تأسيس حزب الوفد واندلاع ثورة 1919. كما شهدت دار الأوبرا سلسلة من القمم، فى مواسم سنوية طويلة، بدأ أولها فى ديسمبر عام 1919، وفى اليوم الأول من شهر مايو عام 1920 شهدت دار الأوبرا حدثًا شغل الرأى العام المصرى طويلا، وهو انعقاد مؤتمر خاص عن إنشاء بنك مصر. وفى مجال الفكر والثقافة، شهدت مصر تطورات كبيرة، امتد صداها إلى مجال الأدب، وعلى سبيل المثال نجد أن المنفلوطى قام بإهداء رواية «فى سبيل التاج»، الصادرة فى أول يونيو 1920، التى تدور أحداثها عن الثورة فى البلقان، إلى سعد زغلول باشا.

ليس ذلك فحسب، بل تُعد ثلاثية نجيب محفوظ، «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية»، بمثابة دراسة روائية لأحوال المجتمع المصرى، منذ ثورة 1919، فهى قراءة لأحوال البلاد عبر حربين عالميتين، ورصد لتطور المجتمع والمدينة، من خلال الأسرة، ورصد لآثار الاحتلال البريطانى.



[ad_2]

مرجع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى